كما ذكرنا بين سطور مقدمة هذا التقرير, فقواعد العرف تمثل شكلاً من أشكال القانون بسبب اشتراكها مع قواعد القانون في الخصائص العامة, فهي قواعد عامة مجردة تنظم السلوك الفردي على نحو ملزم, ومن ثم اصطلح على تسمية العرف بالقانون غير المكتوب.
هو مصدر من مصادر القانون, وهو عبارة عن قواعد لم تفرضها السلطة التشريعية, إلا أنها ناتجة عن ممارسة عامة وطويلة في مجتمع معين.
والعرف لا يزال له المركز الأول في بعض المجتمعات, كالبدو وسكان الصحاري.
وللعرف مركزه وقوته في بعض المجالات مثل مجال التجارة, حيث تسود أعراف متعددة تحكم التعامل التجاري بنوع خاص.
وفي القانون الدولي العام يعتبر العرف المصدر الأول وكذلك يعتبر أحد مصادر القانون الدولي الخاص.
تتكون القاعدة العرفية من سلوك معين أو موقف محدد, يصدر عن شخص أو عن مجموعة أشخاص بمناسبة معينة, ثم يتكرر ذلك السلوك في مناسبـات مماثلة بشكل مطرد, إلى الحد الذي يتولد معه الاعتقاد لدى العامة بضرورة احترامه.
ويلاحظ أن جوهر القاعدة العرفية ليس هو مجرد السلوك الذي يصدر عن الأشخاص, وإنما هو اطراد ذلك السلوك, بمعنى أن مجرد السلوك لا يصح أن يسمى عرفاً, إلا بعد أن يتواتر العمل به لفترة زمنية, تطول أو تقصر بحسب الأحوال, بحيث يتحول بعدها إلى سلوك عام يقره الأفراد في المجتمع ويلزمونه في سلوكهم وتعاملاتهم. وهكذا نكون بصدد قاعدة عرفية نشأت أو تكونت.
· أن تكون القاعدة معمولاً بها منذ زمن طويل.
· أن تكون القاعدة مستمرة ومستقرة, أي يتكرر التعامل بها .
· أن يألف الناس احترامها والالتزام بها.
· ألا تكون هذه القاعدة مخالفة للنظام العام أو لنص تشريعي.
أسباب ظهور العرف كمصدر للقانون:
يتلخص سبب ظهور العرف كمصدر للقانون, فى انفصال السلطة الزمنية عن السلطة الدينية, نتيجة التطور الذي حققه المجتمع بكافة صوره, وارتفاع مستوى الوعي والثقافة بين الأفراد, أمام تعسف السلطة الدينية واستئثارها بجميع السلطات, ورغبة المدنيين فى تغيير هذه الأوضاع لصالحهم فى الغرب والشرق، فترتب عن ذلك, التحول من التقاليد الدينية إلى التقاليد العرفية, كمصدر أساسي للقاعدة القانونية.
نتائج ظهور التقاليد العرفية كمصدر للقانون:
ترتب على ظهور العرف كمصدر للقانون عدة نتائج أهمها:
1) تعدد مصادر القاعدة القانونية:
فلم تعد الديانة المصدر الوحيد للقانون، ولكن ظهر العرف ومصادر أخرى كالفقه والتشريع.
2) القانون تعبير عن إرادة الشعب:
أدى اعتبار العـرف مصدر للقانون, أن أصبح القانون يعبر عن إرادة الشعب, ويعكس ظروف المجتمع, ويتطور مع تطوره بشكل مرن وتلقائي.
3) قابلية القانون للتعديل:
ترتب على اعتبار القانون تعبيراً عن إرادة الشعب, أن أصبح قابلاً للتعديل كلما تغيرت ظروف المجتمع.
4) علانية القواعد القانونية:
إذأصبحت القواعد القانونية معلنة وواضحة بعد أن كانت محفوظة فى صدور رجال الدين, لا يطلع عليها غيرهم.
ترتب على انفصال القانون عن الدين, واعتبار العرف مصدراً للقانون, أن تميز الجزاء الديني عن المدني، والقضاء الديني عن المدني.
أدى التطور الذي لحق المجتمع, إلى إزالة الفوارق بين الطبقات (أشراف وعامة ورجال دين).
ترتب على ظهور العرف كمصدر للقانون, أن ظهر مبدأ الديمقراطية فى الحكم، وأصبحت السيادة للشعوب.
هو التعبير الصحيح عن إرادة المجتمع وظروفه وحاجاته, لأنه ينشأ ويتطور معه.
والعرف يسد نقص التشريع ويغطي ثغراته ويواجه كل احتمالات تطبيقه.
· غموضه وعدم تحديد مضمونه وسريانه.
· يتطلب وقتاً طويلاً لظهوره ونموه واستقراره.
· قد يختلف من منطقة إلى أخرى في الدولة الواحدة, وبذلك يتعارض مع وحدة القانون الواجب في الدولة.
· رد الهدايا التي تقدم أثناء الخطبة في حالة فسخها.
· حق الزوجة في حمل إسم زوجها.
· حق الأرملة في حمل إسم زوجها المتوفي.
تعرضنا في هذا التقرير, للعرف باعتباره أحد المصادر الرسمية للقانون, وإن كان يعتبر مصدراً احتياطياً له – إلى جانب الدين وميادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة – في معظم التشريعات, التي تعتبر أن التشريع هو المصدر الأصلي للقانون.
وقد عرضنا لشروط القاعدة العرفية, وأهم نتائج ظهورها كقاعدة قانونية معترف بها, إلا أن القاعدة العرفية – كغيرها من مصادر القانون – لها عيوب إلى جانب أنها تتضمن ميزات, عرضنا لها بشيء من التفصيل في هذا التقرير.
وختاماً أرجو أن أكون قد وفقت في العرض والتقديم لهذا الموضوع.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
