مقال عن القدوة الحسنة ودورها فى اعداد القياداتالشبابية جاهز للطبع
لا شك أن القدوة في حياة الإنسان أمر غاية في الأهمية؛ حيث إنها تكون عاملاً مهمًّا في التأثير على سلوكيات الإنسان ومستقبله، وإذا ما تحدثنا عن القدوة الحسنة فسنجد أنها من أكثر العوامل التي تساعد على النجاح في حياة الإنسان، وأنها من الأمور التي يجب أن يغرسها المربُّون في نفوس أبنائهم منذ نعومة أظفارهم، مشيرًا إلى أن القدوة تُعَدُّ عمودًا أساسيًّا من أعمدة الأسرة، والتي تؤثر تأثيرًا مباشرًا في العملية التربوية
يجب أن نربّي أطفالنا على الابتعاد عن التّقليد الأعمى، والانجراف خلف تيّار الصّراعات الآتية إلينا عَبْرَ وسائل الإعلام، والتي تكون غريبة عن مجتمعاتنا، ويكون هدفها تخريب عقول أبنائنا لإخراجها من إطارها السليم وذلك بهدف القضاء على أهم لبِنات البناء في المجتمع، كما يجب أن نزيد من توعية أولادنا وأن نجعلهم يدركون أنّ تقليد الأجنبي -الذي لا يرْدَعهُ وازِعٌ ديني أو خُلُقي - والاقتداء بهِ يؤدّي إلى نتيجة وخيمة وكارثة مدمّرة تؤدي بالمجتمع بأسرهِ وتجرّهُ إلى حالة الضعف والوهن والضمور، وتكون النتيجة النهائية غياب العقل والسقوط في مهاوي الرّذيلة والجهل والانحطاط
يقول تعالى في محكم التنزيل: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، وفي هذا بيان لأهمية القدوة في حياة الإنسان المسلم، ومدى تأثيرها على تصرفاته وسلوكياته، ومسار حياته بصفة عامة، ويوضح لنا الله في كتابه العزيز أن خير قدوة للإنسان المسلم يجب أن تتمثل في خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك يوضح لنا أيضًا ضرورة انتقاء الأشخاص الذين نقتدي بهم في حياتنا ونقلدهم، خاصة أن التقليد سمة بشرية لا غنى عنها.
يجب أن يكون للوالدين دور بارز في تحديد أصدقاء أطفالهم، لا سيما أن الأصدقاء الذين يحيطون بالإنسان يكون لهم دور كبير في تشكيل سلوكه، وفي اختيار القدوة الصالحة أو السيئة، موضحة أن أصدقاء السوء كُثُرٌ، وهنا يكمن الدور الأسري في ذلك من خلال التوجيه والإرشاد والنُّصح الدائم من قِبَل الوالدَيْنِ لأبنائهم كي يُعَلِّمَاهم كيف ينتقون أصدقاءهم، وما هي سُبل الابتعاد عن الأصدقاء غير الصالحين الذين قد يوقعونهم في الضرر؟ لا سيما أن الطفل في مراحله الأولى لا يكون قادرًا على التمييز بين الصديق السَّويِّ والصديق غير السويِّ
ولكن هذه السمة يجب أن يتم استغلالها في المسار الصحيح لها، وأن نُعمِل عقلنا عند اختيار قدوتنا في كافة المجالات؛ فالقدوة الحسنة تُعِين على التقدم والنجاح وتحقيق الأهداف المنشودة، وعلى النقيض القدوةُ السيئة التي قد تهوِي بمن يقتدي بها في ظلمات لا يرى فيها الإنسان يديه من شدتها، وبما أن القدوة دائمًا ما تتشكل من المحيط الذي يعيش فيه الإنسان، يبرز لنا دور الأسرة والوالدين في مساعدة أطفالهم وأبنائهم على اختيار الصُّحبة الصالحة التي تساعده على اختيار القدوة الحسنة، والابتعاد عن القدوة السيئة
القدوة الحسنة يجب أن تكون قدوة ناجحة من الناحية العملية والنظرية؛ لأن الاقتداء بأشخاص يغلِب عليهم الجانب النظري فقط يكون له تأثيراته السلبية على المقتدين بهم، مؤكدًا أن الدين الإسلامي الحنيف لم يعرف على مر التاريخ العالِمَ الذي يقول ما لا يفعل، أو العالِم الذي لا يبذل من الجهد والتعب ما يساعده على الوصول إلى ما يصبو إليه، ومشيرًا إلى أن الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم يُعَدُّ خيرَ مثال لخير قدوة نقتدي بها في ديننا ودنيانا
الطفل وهو في سن العاشرة يبدأ في تكوين سلوكه الذي يغلِب عليه في هذه المرحلة صفةُ التقليد لكل من حوله، ولكل ما يراه، سواء داخل البيت أو في المدرسة أو في الشارع، فضلاً عما يشاهده من خلال شاشة التليفزيون والإنترنت، مؤكدًا على أن الأبوين يُعَدَّان أكثر الأمور المحيطة بالطفل التي تؤثر عليه بشكل مباشر، وفي الغالب الأعم يُشكِّل الإنسان قدوته من هذه البيئة المحيطة به، فلا بد أن يوفر له أبواه القدرَ الكافي من البيئة الصالحة التي تساعده على اختيار قدوته، والتي تساعده على تحقيق النجاح في حياته، والتي تُعينُه على اختيار قدوة حسنة صالحة تدفعه لكل خير