Thread Back Search




›› ›› ›› ››



الاحسان والمحسنين وبشر المحسنين احسن كما احسن الله اليك

اضافه رد
  • 05-16-2024 | 03:47 AM
  • شبكة غلاسة



  • بسم الله الرحمن الرحيم


    أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - " يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ. مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَمَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ يُرزَقُونَ فِيهَا بِغَيرِ حِسَابٍ "




    أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَرَاتِبُ الدِّينِ ثَلاثٌ: إِسلامٌ وَإِيمَانٌ وَإِحسَانٌ، وَإِذَا كَانَ الإِسلامُ يُمَثِّلُ أَعمَالَ الجَوَارِحِ الظَّاهِرَةَ، وَالإِيمَانُ يُمَثِّلُ أَعمَالَ القُلُوبِ البَاطِنَةَ، فَإِنَّ الإِحسَانَ الَّذِي هُوَ أَعلَى تِلكَ المَرَاتِبِ، هُوَ إِتقَانُ تِلكَ الأَعمَالِ وَحُسنُ أَدَائِهَا، مَعَ كَمَالِ التَّوَجُّهِ بها إِلى اللهِ - سُبحَانَهُ - بِأَن يَعبُدَهُ العَبدُ كَأنَّهُ يَرَاهُ، مُوقِنًا بِأَنَّهُ وَإِنْ لم يَكُنْ يَرَى رَبَّهُ، فَإِنَّهُ - تَعَالى - مُطَّلِعٌ عَلَيهِ في كُلِّ وَقتٍ وَيَرَاهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ، وَلا يَخفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِن أَمرِهِ صَغُرَ أَو كَبُرَ. وَإِنَّ خَيرَ مَا يَدفَعُ العَبدَ إِلى الإِحسَانِ وَيُحَبِّبُهُ إِلَيهِ، أَن يَعلَمَ أَنَّ اللهَ - تَعَالى - هُوَ وَليُّ الإِحسَانِ، وَأَنَّهُ مَا يَكُنْ مِن إِحسَانٍ فَهُوَ مَنهُ - تَعَالى - وَإِلَيهِ - فَهُوَ - سُبحَانَهُ - ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7] وَمَا مِن شَيءٍ إِلاَّ وَيَرَى النَّاسُ فِيهِ ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88] بَلْ حَتى الإِنسَانُ نَفسُهُ، قَد أَتقَنَ المُحسِنُ - تَعَالى - خَلقَهُ وَأَنبَتَهُ نَبَاتًا حَسَنًا ﴿ لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ في أَحسَنِ تَقوِيمٍ ﴾ [التين : 4] ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار : 6 - 8]



    وَإِذَا كَانَ الخَلقُ يَتَقَلَّبُونَ في إِحسَانِ مَولاهُم في كُلِّ نَفَسٍ وَلَحظَةٍ، سَوَاءٌ فِيمَا يُغدِقُهُ عَلَيهِم مِمَّا يَنفَعُهُم وَيُحِبُّونَ، أَو مَا يَصرِفُهُ عَنهُم مِمَّا يَضُرُّهُم وَيَكرَهُونَ، فَإِنَّ مِن الوَاجِبِ عَلَيهِم أَن يُحسِنُوا كَمَا أَحسَنَ - سُبحَانَهُ - إِلَيهِم؛ لأَنَّهُ لا جَزَاءَ لِلإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانُ. وَلَقَد ضَرَبَ أَنبِيَاءُ اللهِ في هَذَا الشَّأنِ أَعظَمَ الأَمثَالِ،



    فَهَذَا خَلِيلُ الرَّحمَنِ إِبرَاهِيمُ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 70 - 82]



    وَهَذَا نَبيُّ اللهِ يُوسُفُ - عَلَيهِ السَّلامُ - يَتَعَرَّضُ لِفِتنَةٍ وَأَيُّ فِتنَةٍ؟ فَيَقُولُ -: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]




    وَهَذَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُحسِنُ في طَاعَةِ رَبِّهِ مُستَحضِرًا إِحسَانَهُ إِلَيهِ، وَيَجتَهِدُ فِيمَا يُرضِيهِ شَاكِرًا نِعمَتَهُ عَلَيهِ، فَعَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَامَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَتى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ: " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا؟! " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.





    إِنَّهُمُ المُوَفَّقُونَ مِن عِبَادِ اللهِ، لا يَفتَؤُونُ يَنظُرُونَ إِلى جَلِيلِ أَلطَافِ رَبِّهِم بِهِم، مُستَحضِرِينَ وَافِرَ نِعَمِهِ عَلَيهِم، وَأَنَّهُ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53] وَأَنَّهُ ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]


    مُوقِنِينَ أَنَّهُم ضَالُّون إِلاَّ مَن هَدَى، جَائِعُونَ عُراةٌ إِلاَّ مَن أَطعَمَ وَكَسَا، وَأَنَّهُم يُخطِئُونَ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَهو يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَتَمتَلِئُ قُلُوبَهُم لِهَذَا مَهَابَةً لَهُ وَتَوقِيرًا وَتَعظِيمًا، وَيُسَخِّرُونَ جَوَارِحَهُم في طَاعَتِهِ مُخلِصِينَ، مُجتَنِبِينَ الشِّركَ وَالمَعَاصِيَ وَقَبِيحَ الفِعَالِ، مُرَاقِبِينَ لَهُ فِيمَا يَأتُونَهُ مِن أَعمَالٍ وَأَقوَالٍ.




    عِبَادَ اللهِ، إِذَا كَانَ أَعلَى أَقسَامِ الإِحسَانِ هُوَ إِحسَانُ العَبدِ فِيمَا بَينَهَ وَبَينَ رَبِّهِ الَّذِي يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ العَبدُ عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ، فَإِنَّ ثَمَّةَ قِسمًا آخَرَ عَظِيمًا، ذَلِكُم هُوَ إِحسَانُ العَبدِ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ الخَلقِ، وَأَعظَمُ دَاعٍ إِلى هَذَا النَّوعِ مَعَ مَا سَبَقَ مِنِ استِحضَارِ كَونِ الإِحسَانِ مِنَ اللهِ وَإِلَيهِ، أَن يَعلَمَ المَرءُ أَنَّهُ بِإِحسَانِهِ إِلى الخَلقِ بِأَيِّ قَدرٍ مِنَ الإِحسَانِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُحسِنُ في الحَقِيقَةِ إِلى نَفسِهِ وَيَنفَعُ ذَاتَهُ، إِذْ دَلَّتِ الدَّلائِلُ مِنَ المَنقُولِ وَشَهِدَ الوَاقِعُ المَعقُولُ، أَنَّ الكِرَامَ المُحسِنِينَ هُم أَشرَحُ النَّاسِ صُدُورًا وَأَطيَبُهُم نُفُوسًا، وَأَنعَمُهُم قُلُوبًا وَأَطوَلُهُم سَعَادَةً وَفَرَحًا، وَأَنَّهُم أَحرَاهُم بِتَكفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَالنَّجَاةِ يَومَ اشتِدَادِ الكُرُبَاتِ، وَكَيفَ لا يَكُونُونَ كَذَلِكَ وَاللهُ - تَعَالى - يُحِبُّهُم، وَرَحمَتُهُ قَرِيبَةٌ مِنهُم، وَهُوَ مَعَهُم بِتَوفِيقِهِ وَحِفظِهِ وَتَأيِيدِهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ ﴾ [هود : 115] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾ [آل عمران : 134] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف : 56] " وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾ [النحل : 128] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ ﴾ [الحج : 37] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود : 114] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ وَلا يُسلِمُهُ، وَمَن كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ في حَاجَتِهِ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.












    عِبَادَ اللهِ، أَنوَاعُ الإِحسَانِ إِلى الخَلقِ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، لا تَقتَصِرُ عَلَى إِعَانَتِهِم بِالمَالِ أَو تَوفِيرِ الطِّعَامِ لَهُم أَوِ كِسوَتِهِم، وَلَكِنَّهَا تَشمَلُ كُلَّ مَا يَنفَعُهُم وَيَقضِي حَوَائِجَهُم، بَل تَمتَدُّ إِلى مَا يُدخِلُ السُّرُورَ عَلَيهِم، فَتَعلِيمُ العِلمِ وَنَشرُهُ وَالدَّعوَةُ إِلى اللهِ، وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ، وَبَذلُ الجَاهِ وَإِسدَاءُ النُّصحِ وَصَادِقِ المَشُورَةِ، وَالتَّبَسُّمُ في وُجُوهِ النَّاسِ وَإِفشَاءِ السَّلامِ بَينَهُم، وَالفَرَحُ لِفَرَحِهِم وَالتَّأَلُّمُ لأَلَمِهِم، وَجَبرُ مُصَابِهِم وَتَعزِيَتُهُم، بَل وَكَفُّ الأَذَى عَنهُم وَالعَفوُ عَن مَسَاوِئِهِم، وَمُقَابَلَةُ أَذَاهُم بِالإِحسَانِ، كُلُّهَا أَعمَالٌ تَدخُلُ في الإِحسَانِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلى اللهِ - تَعَالَى - أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ - تَعَالَى - سُرُورٌ تُدخِلُهُ عَلَى مُسلِمٍ، أَو تَكَشِفُ عَنهُ كُربَةً أَو تَقضِيَ عَنهُ دَينًا، أَو تَطرُدُ عَنهُ جُوعًا، وَلأَن أَمشِيَ مَعَ أَخٍ في حَاجَةٍ أَحَبُّ إِليَّ مِن أَن أَعتَكِفَ في هَذَا المَسجِدِ - يَعني مَسجِدَ المَدِينَةِ - شَهرًا، وَمَن كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَورَتَهُ، وَمَن كَظَمَ غَيظَهُ وَلَو شَاءَ أَن يُمضِيَهُ أَمضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلبَهُ رَجَاءً يَومَ القِيَامَةِ، وَمَن مَشَى مَعَ أَخِيهِ في حَاجَةٍ حَتى تَتَهَيَّأَ لَهُ أَثبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَومَ تَزُولُ الأَقدَامُ " أَخرَجَهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَأَحسِنُوا إِلى أَنفُسِكُم بِإِحسَانِكُم إِلى غَيرِكُم، فَإِنَّ رَبَّكُم مُحسِنٌ يُحِبُّ الإِحسَانَ، وَقَد كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَفي كُلِّ شَيءٍ، حَتى فِيمَا لا يَحتَمِلُ الإِحسَانَ عِندَ قَلِيلِي الرَّحمَةِ وَغِلاظِ القُلُوبِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، فَإِذَا قَتَلتُم فَأَحسِنُوا القِتلَةَ، وَإِذَا ذَبَحتُم فَأَحسِنُوا الذِّبحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُم شَفرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانيُّ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَجُلاً أَضجَعَ شَاةً وَهُوَ يُحِدُّ شَفرَتَهُ، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَتُرِيدُ أَن تُمِيتَهَا مَوتَتَينِ؟ هَلاَّ أَحدَدتَ شَفرَتَكَ قَبلَ أَن تُضجِعَهَا "أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلَا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفسِدِينَ ﴾ [القصص : 77]



    أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ تَسعَدُوا، وَأَحسِنُوا كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكُم وَلا تَجحَدُوا، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن تَوفِيقِ اللهِ لِلعَبدِ وَحُسنِ حَظِّهِ، أَن يُهدَى لِلإِحسَانِ إِلى الخَلقِ، وَإِذَا كَانَ الكَرِيمُ - سُبحَانَهُ - قَد رَحِمَ مَن أَحسَنَ إِلى الحَيَوَانِ البَهِيمِ وَجَزَاهُ جَنَّتَهُ، فَكَيفَ بِمَن يُحسِنُ إِلى النَّاسِ وَيَنفَعُهُم وَيَقضِي حَاجَاتِهِم؟! رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي بِطَريِقٍ اشتَدَّ عَلَيهِ الحَرُّ، فَوَجَدَ بِئرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثم خَرَجَ فَإِذَا كَلبٌ يَلهَثُ يَأكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَد بَلَغَ هَذَا الكَلبَ مِنَ العَطشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئرَ فَمَلأَ خَفَّهُ مَاءً ثم أَمسَكَهُ بِفِيهِ حَتى رَقِيَ فَسَقَى الكَلبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ "قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجرًا؟ فَقَالَ: "في كُلِّ كَبِدٍ رَطبَةٍ أَجرٌ" وَفِيهِمَا أَيضًا قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "بَينَمَا كَلبٌ يَطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَد كَادَ يَقتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتهُ بَغِيٌّ مِن بَغَايَا بَني إِسرَائِيلَ فَنَزَعَت مُوقَهَا، فَاستَقَت لَهُ بِهِ فَسَقَتهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ" وَفي مُقَابِلِ عِظَمِ الأَجرِ عَلَى مِثلِ هَذَا القَدرِ الضَّئيِلِ مِنَ الإِحسَانِ، نَجِدُ شِدَّةَ عَذَابِ مَن أَسَاءَ إِلى مَن قَدِرَ عَلَيهِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "عُذِّبَتِ امرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتهَا حَتى مَاتَت، فَدَخَلَت فِيهَا النَّارَ، لا هِيَ أَطعَمَتهَا وَسَقَتهَا إِذْ حَبَسَتهَا، وَلا هِيَ تَرَكَتهَا تَأكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرضِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. فَيَا أَيُّهَا المُعَافى في بَدَنِكَ، لَقَد أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَأَمكَنَكَ مِنَ الانتِفَاعِ بِجَوَارِحِكَ، فَأَدِّ زَكَاتَهَا بِطَاعَةِ اللهِ، وَاحذَرْ مِن صَرفِهَا فِيمَا يُغضِبُهُ، وَتَذَكَّرْ قَولَ رَبِّكَ المُنعِمِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾ [الأنعام: 46] أَيُّهَا المُعطَى مَالاً وَجَاهًا، لَقَد أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ بما وَهَبَكَ وَمَنَعَهُ غَيرَكَ، فَهَل أَحسَنتَ إِلى عِبَادِهِ المُحتَاجِينَ؟ هَل كَفَلتَ اليَتَامَى وَأَنفَقت عَلَى الأَرَامِلِ وَالمَسَاكِينِ؟ هَل دَعَمتَ مَشرُوعَاتِ الخَيرِ؟ هَل سَاهَمتَ في بِنَاءِ المَسَاجِدِ وَتَعلِيمِ كِتَابِ اللهِ وَالدَّعوَةِ إِلى سَبِيلِهِ؟ أَيُّهَا المَسؤُولُ في عَمَلٍ كُلِّفَت بِهِ وَأَمَانَةٍ حُمِّلتَهَا، لَقَد أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ إِذْ مَلَّكَكَ أَمرَ مَن تَحتَ يَدِكَ، وَرَفَعَكَ إِذْ مَنَحَكَ التَّصَرُّفَ فِيمَن دُونَكَ، فَاتَّقِ اللهَ فِيمَا أَنتَ عَنهُ مَسؤُولٌ، وَأَحسِن إِلى مَن أَنتَ عَلَيهِ مُؤتَمَنٌ، إِنَّهُ لَيسَ مِنَ الإِحسَانِ أَن تَحبِسَ مُعَامَلاتِ النَّاسِ وَتَحُولَ دُونَ قَضَاءِ حَاجَاتِهِم إِن كُنتَ مُوَظَّفًا، أَو حَبسِ أَبنَائِهِم دُونَ تَعلِيمٍ وَتَوجِيهٍ إِن كُنتَ مُعَلِّمًا. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَأَحسِنُوا، وَأَخلِصُوا لِرَبِّكُم وَاحذَرُوا ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].



    ربي إغفر لي ولوااااالدي
    وللمؤمنين والمؤمنات
    والمسلمين والمسلمات
    الأحياااء منهم والأموات


    المواضيع المتشابهه:


    hghpshk ,hglpskdk ,fav hglpskdk hpsk ;lh hggi hgd;




    لو عجبك الموضوع اضغط شير لنشر الموضوع مع اصدقائك

      أضـغط هنـآ


    من مواضيعى
    0 السارق قبل السارقه والزانيه قبل الزاني لماذا
    0 بنحج ليه
    0 ليصبح شعرك اكتر طولا
    0 لحم الابل ينقض الوضوء 2024
    0 تخلص من ورم تحت العنين 2025
    0 صور جديده لغرف معيشه 2025
    0 صور اسماء برفانات رجالي روعه 2025 برفانات شبابي 2024
    0 ماهو سبب تأخر الدراسه عند الاطفال
    0 صور ابطال مسلسل اي دمعة حزن لا في شهر رمضان 2024
    0 احدث مسدجات تهنئه بعيد الفطر 2025
    0 ديكورات غرف نوم حديثه 2024 اجدد غرف نوم عالميه 2024
    0 تجاهل النساء مشاعر الرجل لمذا
    0 العنف في معاملة الاطفال من الصغر يؤدي للسمنه في الكبر 2025
    0 فوائد الزعفران
    0 تعالي اعملك حمام بخار في البيت وسهل جدا 2025
    0 40 صوره لارق واجمل بنات صور بنات رمزيه, صور بنات فيسبوك صور بنات, رقيقه لعام 2025
    0 انظر فكر اشكر
    0 احلي اسكارفات شبابي لعام 2025
    0 ست قصص اسلاميه مؤثره جدا
    0 صور كريم عبدالعزيز الجديده 2025
    0 ماهو سبب بكاء الاطفال ولماذا 2024
    0 صور قفطان مغربي جديد لعام 2025
    0 صنادل صيفيه جديده 2024 / 2025 صنادل فلات للصيف 2024 / 2025
    0 صور نانسي عجرم الجديده بدون ميكب نانسي عجرم وطارق مدكور في تسجيل اغنيه جديده نانسي بدون مكياج 2025
    0 صور جديده لبروكات شعر 2024
    0 هل تعرف حمنه بنت جحش قصة وحياة حمنه بنت جحش
    0 صور الفنانه ماجده الرومي الجديده من روما 2025
    0 حصري صور جديده للفنانه راندا البحيري صور لعام 2025
    0 صور ديكورات سقف جديد2024 فورم سقف جديده 2024
    0 ايام التشويق وفضلها
    0 صور زفاف الفنانه كندا حنا حصري صور كندا حنا 2024
    0 اثاث راقي لغرف نوم 2025
    0 طريقة عمل شرائح لحم الستيك خالي من الدسم لشهر رمضان والرجيم ومرضي السكر 2024
    0 اجمل عبايات للخروج, احدث عبايات سوده, اجدد عبايات, اجمد عبايات ,للبنات 2025
    0 اجدد كوفيه شتويه للبنات 2024
    0 صور ودعاء فك سحر الزوج 2024 ايات لتقرب الزوج اليكي 2024
    0 صور اثاث شقه ,كامله 2024 اجدد ديكور وشقق لعام 2024
    0 تسريحات شعر حلوه اوى 2025
    0 احدث صور اليسا صور حصري عام 2025
    0 شهوتك والحياه
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc
adv ghlasa by : ghlasa