«إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، مثل فيه من الحكمة الكثير. فالصمت أحياناً أفضل حل لمشكلة أو نقاش حاد عقيم لايفيد معه الكلام. الصمت مخيف؛ لأنك لا تعرفين ما هو مختبئ وراءه، وهو عميق أمام الأمور السطحية التي لامعنى لها، وهو الأداة التي يستخدمها الأقوياء أحياناً؛ للرد على تفاهات ينطق بها الآخرون. أما بالنسبة للمرأة فهو سلاح يجعل الرجل يعلن الاستنفار الكامل بانتظار اتضاح نتائجه. صمت المرأة أداة فعالة
إن طبيعة المرأة هي حب الكلام، وطرح الأسئلة والاستفسار عن كل صغيرة وكبيرة، ولذلك فإن الصمت يعتبر غريباً عليها في كثير من الأحيان، أو بالأحرى فإن الرجل يجد الصمت صفة دخيلة عليها. فهو الذي يصمت، وهو الذي يجعلها تشعر بالغضب من هذا الصمت، ولكنها تقبله، ولكن في المقابل فإن الرجل إن تحدث ووجد المرأة صامتة فإن دقات قلبه تتسارع، ويبدأ نوع من الخوف يخيم عليه؛ لأنه لا يقبل صمتها إن كان هو المتحدث. صمت المرأة سلاحها
الدراسة أنجزتها آنا ماريا جيزوس، الأخصائية بعلم الاجتماع، والمحاضرة في جامعة «يونيبان» البرازيلية في مدينة ساو باولو قالت فيها: صمت المرأة قد يكون الرد الوحيد على توبيخات لا معنى لها من الرجل؛ لأن رداً من جانبها قد يعقد الخلاف، ويزيد من حدة الانتقادات التي يوجهها لها.
وتابعت تقول: رغم أن هذا الصمت يغيظ الرجل في كثير من الأحيان، فإن السكوت قد يعني شيئين بالنسبة له: إما أن المرأة قبلت توبيخاته وانتقاداته، أو أنها صمتت لتفادي تأزيم الموقف. وكلا الأمرين يعتبر انتصاراً بالنسبة للرجل. وفي هذه الحالة فإن صمت المرأة قد يمثل أداة فعالة؛ للتواصل مع زوجها وتفادي ماهو أسوأ. فهم الآخر
قالت آنا ماريا: إن صمت المرأة أمام الرجل في كثير من المواقف يعتبر محاولة لفهمه؛ لأن الاستماع للآخر والتأمل في شخصيته يساعدان على فهمه بشكل أفضل. لذلك فإن المرأة تعمد للصمت كوسيلة لتحليل الأمور في ذهنها قبل إطلاق حكم على الآخرين.
وأشارت إلى أنه في أحيان كثيرة فإنها تحتار في فهم حديث، أو محاولة أو تعبير من الرجل، وهذا يجعلها تلجأ للصمت؛ من أجل فهم المقاصد والمعاني لتفادي الوقوع في الأخطاء، وبخاصة إذا كان للرجل نوايا خبيثة، والمقصود هنا ليس الزوج، وإنما شخص تعرفت عليه المرأة للتعارف قبل الزواج. وأكدت أن الصمت يفيد كثيراً في فهم الآخرين؛ لأن الأخذ والعطاء إن لم يكونا متكافئين فإن النتيجة، أو بالأحرى نتيجة الحديث والنقاش تكون عقيمة. فهم نفسها أكثر
أوضحت آنا ماريا أن صمت المرأة مع ذاتها أحياناً يساعدها على فهم نفسها بشكل أفضل. ولذلك من المفيد أن تخلد المرأة للصمت في بعض الأحيان؛ للتفكير في نفسها ومواقفها، وإجراء مراجعة لبعض المواقف التي مرت بها، وتمر بها كل يوم؛ لمعرفة ما إذا كانت قد تصرفت بشكل صحيح خلال مسيرة حياتها اليومية. فالصمت لحظة هامة للانعكاس، أي انعكاس ردود الأفعال، التي بدرت منها للتفكير فيها بشكل أعمق. وللاستفادة من نقاط الخلل. تقدير نفسها
أكدت الأخصائية أن صمت المرأة بين الحين والآخر يعتبر من أكثر الوسائل فائدة لتقدير نفسها؛ من حيث معرفة الإيجابيات والسلبيات الموجودة في شخصيتها، والعمل عبر صمت داخلي على تحليل الأسباب التي تجعلها عرضة للانتقادات، أو مثار إعجاب من قبل الآخرين.
وأخيرا أثبتت آنا ماريا أن أكثر ما يخشاه الرجل في المرأة هو صمتها؛ لأنه غير قادر على استيعاب ما تفكر به، ويخشى من أن يكون هذا الصمت دليلاً على عدم الرضا عن رجولته أو فحولته، وهما الشيئان اللذان يخشى من أن يُنال منهما من قبل المرأة.
وقالت أيضاً إن الصمت يولد الصمت أحياناً، واستخدام المرأة الصمت لهذا الغرض يفيد في تهدئة جدال ساخن مع الرجل. وأضافت أنه يتظاهر بأنه لا يحب رد المرأة على انتقاداته أو الدفاع عن نفسها بالكلام، ولكنه لا يتحمل كثيراً الصمت الذي تمارسه عليه في هذه المواقف. وفي هذه الحالة يصمت هو الآخر، ويحاول قسراً أن يهدئ نفسه؛ ليجعلها تتكلم. فإن وجد ذلك الصمت لا يمس أموراً حساسة عنده كرجل فإن باله يهدأ، وبذلك تحرز المرأة انتصاراً بصمتها الحازم.