بحث عن الوحدة الوطنية ، الوحدة الوطنية في الإسلام 2024
الوحدة الوطنية في الإسلام
الوحدة الوطنية واحدة من المطلوبات الواقعية التي لا تستقر الحياة في قطر من الأقطار بدونها، فهي ضرورة من ضرورات الاجتماع البشري القائم على التعاون والاتفاق والتآلف، الذي ينتج عنه إصلاح الأرض وعمارتها..وهذه من الكليات التي جاء الإسلام لتحقيقها، لما فيه من تحقيق مقاصد الدين.ولكن في ظل تعقيدات الدولة الحديثة، والنظام العالمي الذي ساد العالم بعد الحقبة الاستعمارية، تحولت الوحدة الوطنية من قضية واقعية محسوسة، وملموسة، ومطلب ضروري لاستقرار الحياة، تحولت إلى
مفهوم سياسي مشحون بالآيديولوجيا الوضعية البعيدة عن هدى الوحي السماوي، تلك التي سادت العالم الغربي تحت مسمى العلمانية
وعندما استجلب هذا المفهوم إلى بلاد المسلمين، تمت صياغته ليوضع بطريقة مضادة لمنهاج الإسلام، وطريقته في إقامة الدولة، التي ترتكز على سيادة حكم الله تعالى، حتى صار تحقيق الوحدة بين أبناء الوطن – وهي من مقاصد الدين- أمراً لا يتم إلا بإزاحة الدين عن الحكم!!.
مع أن الإسلام قد جاء لإصلاح حياة الناس كلهم، المسلم وغير المسلم، بنظام دقيق محكم، يكفل للناس إن هم اتبعوه أن يعيشوا معاً بسلام واستقرار من غير غبن يأتي من جهة الحقوق والواجبات.
ولكن قضية "الوحدة الوطنية" تختلف معالجتها في النظام الإسلامي اختلافاً كاملاً عن الطرائق الوضعية..فتلك النظم الوضعية إذا ما استقرأنا تجاربها وجدناها كلها لا تؤدي إلا إلى سلسلة من الإشكالات والتفاقمات..ولا تنتهي بنا إلى وضع مثالي يتعايش فيه الناس على اختلاف أعراقهم ومعتقداتهم في أرض واحدة، وفي ظل نظام واحد كما هو الحال في الإسلام.
ماذا يريد الإسلاميون؟!وتتفق جماعات العمل الإسلامي جميعها، على أمر واحد وأصيل "هو يقينها القاطع بأن الحل لإشكالات الوطن – بل العالم أجمع- كامن في الإسلام..وتسعى تلك الجماعات كلها – على اختلاف وسائلها وطرقها- إلى تقديم ذلك الحل للناس، عبر إقامة دين الله تعالى وتمكين شريعته"..
ومن الطبيعي إذن أن يكون معيارها في تناول قضية مثل "الوحدة الوطنية" هو المعيار الشرعي الإلهي، الذي اختبره العالم على مدى بضعة عشر قرناً من الزمان، وفي رقعة واسعة من الأرض، شملت العالم القديم كله "إفريقيا وآسيا وأوروبا"، وقدم نموذجاً مستقراً للوحدة الوطنية في ظل أوضاع من التعدد أكثر تعقيداً وتشابكاً من أوضاعنا اليوم..بينما لم تكمل تجارب النظم الوضعية حتى الآن قرناً واحداً، ولم تقدم حلاً مرضياً لتفاقمات مشكلات التعدد العرقي والديني!.
مشكلتنا في العالم الإسلامي هي استسلامنا النفسي والفكري، للدعاية الغربية التي تفترض أن البشرية في هذا العصر، أكثر نضجاً من سابق عهودها بسبب ما وصلت إليه من تقدم تكنولوجي، وأنه بالضرورة أن تكون التجارب الحديثة أصلح من تجارب التاريخ "المراهقة"..وأنه كلما كانت الدولة متقدمة تكنولوجياً، كلما كانت أكثر نضجاً من غيرها فكرياً وسياسياً!!..
بناءاً على تلك المقدمات، نجد أنفسنا مدفوعين لابتلاع المعايير والمفاهيم والتفسيرات الغربية، بغير وعي..وأحياناً حتى ونحن نتعامل مع القضايا بمنهج الإسلام، فإننا نقدمها معبّأة في قوالب غربية وضعية!!.وهذا منزلق يجب أن لا تسقط فيه جماعات العمل الإسلامي، لأنه يغلق أمامها الآفاق الواسعة من التفكير والاجتهاد الحر، التي فتحها أمامها الإسلام!!.
إذن فالوحدة الوطنية ليست محكومة بتلك العناوين والمفاهيم التي حشدوا بها الجو والبر والبحر؛ "المواطنة"، "الدولة المدنية" "حقوق الإنسان"..إلخ..ولكنها محكومة بشيء آخر نلمسه في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وفي قوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
المواضيع المتشابهه:
fpe uk hg,p]m hg,'kdm K td hgYsghl 2024