الاسلام والسياسه
السؤال: هل كان الرسول صلّ الله عليه وسلّم يستعمل السياسة في حكمه للعامة ، أو في تدبيره لشؤون الدولة ؟ الجواب : الحمد لله السِّيَاسَةُ ـ بالكسر ـ مصدر سَاسَ الأمر سِيَاسَةً : إذا قام به ، وهي القيام على الشيء بما يصلحه ، وسَوَّسَهُ القوم : إذا جعلوه يسوسهم ، ويقال : سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بني فلان أَي كُلِّف سِياستهم ، وسُسْتُ الرعية سِياسَة ، وسُوِّسَ الرجلُ أُمور الناس على ما لم يُسَمَّ فاعله إِذا مُلِّكَ أَمرَهم . انظر : "لسان العرب" (6 /107) ، "القاموس المحيط" (ص 710) . وروى البخاري (3455) ومسلم (1842) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ) . قال النووي رحمه الله : " ( تَسُوسهُمْ الْأَنْبِيَاء ) أَيْ : يَتَوَلَّوْنَ أُمُورهمْ كَمَا تَفْعَل الْأُمَرَاء وَالْوُلَاة بِالرَّعِيَّةِ , وَالسِّيَاسَة : الْقِيَام عَلَى الشَّيْء بِمَا يُصْلِحهُ " انتهى . قال ابن نجيم " السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي " . "البحر الرائق" (5 /11) . وعرّف ابن خلدون السياسة الشرعية بأنها " حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة ، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به " انتهى من "مقدمة ابن خلدون" (ص 97) . وعلى ذلك فالسياسة جزء لا يتجزأ من الإسلام، ولا فرق في الإسلام بين السياسة والدين. وبهذا الاعتبار والتقرير ، وتنزلا على مصطلح القوم : فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل السياسة الحكيمة الراشدة في حكمه ، وفي تدبير شئون الدولة ؛ لأنه نزل بشريعة تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها . وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين وأئمة الهدى من بعده . وينظر "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص 17-20) . والله أعلم . |
الساعة الآن 05:26 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc
adv ghlasa by : ghlasa