منتديات غلاسة

منتديات غلاسة (https://www.ghlasa.com/vb/index.php)
-   ابحاث علمية دراسية (https://www.ghlasa.com/vb/forumdisplay.php?f=15)
-   -   الاعداد الجيد في انتصار حرب اكتوبر 1973 , الاستعداد للحرب والإبداع الفكري (https://www.ghlasa.com/vb/showthread.php?t=16461)

ghlasa 10-19-2024 - 2025 09:23 PM

الاعداد الجيد في انتصار حرب اكتوبر 1973 , الاستعداد للحرب والإبداع الفكري
 
الاعداد الجيد في انتصار حرب اكتوبر 1973 , الاستعداد للحرب والإبداع الفكري
حققت حرب أكتوبر المجيدة علي المستويين الوطني والقومي لمصر وللأمة العربية كل أسباب العزة والكرامة والثقة في قدراتها وقواتها وطاقاتها‏,‏ التي تجددت من خلال الأداء البطولي العظيم الذي اتسم بالإبداع الفكري وروعة الأداء لقواتنا المسلحة‏,‏ التي تصدت لسياسة الصلف والغرور بالقوة‏,‏ والتي سادت العقلية الإسرائيلية لعدة سنوات‏,‏ فلقد أثبتت الحرب قدرة الشعب المصري وقواته المسلحة علي التخطيط وإدارة وتنفيذ هذا العمل البطولي بكل كفاءة وإبداع‏,‏ فلم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية خاضتها البلاد وحققت فيها أكبر انتصارات‏,‏ وإنما كانت اختبارا تاريخيا حاسما لقدرة الشعب علي أن يترجم الأمل المنشود إلي عمل مبدع‏.‏

وفي إطار الإبداع الفكري للحرب قدم اللواء أركان حرب سعد الدين خليل الخبير العسكري كتابه الجديد التفكير الإبداعي وحرب أكتوبر‏,‏ حيث طرح فيه الصورة الصحيحة للفكر الإبداعي‏,‏ وكيفية التخلص من شبه التبعية والنمطية‏,‏ وتجنب الروتين العادي‏,‏ والإعداد الجيد للمعركة والتفكير الجديد الذي دخلت به مصر المعركة وحققت نصرها‏.‏

فلقد بدأت الدولة الإعداد للجولة الرابعة للصراع المصريـ الإسرائيلي بمجرد انتهاء حرب‏67‏ نتيجة اليقين بأن هناك لقاء آخر‏,‏ يلزمه الإعداد الجيد والمكثف‏,‏ في كل أجهزة الدولة‏,‏ ولذا تم عقد الدراسات المستفيضة لتحليل أوجه القصور والخروج بالدروس المستفادة‏,‏ وكانت الفترة بين‏73,67‏ قاسية‏,‏ لكنها كانت البوتقة الحقيقية لكثير من التجارب‏,‏ ولإرساء قواعد الإبداع الفكري للإنسان المصري‏.‏

وكان لابد للمفكر العسكري المصري أن يتخلص من الفكر التقليدي والروتيني والنمطي لكي ينطلق بقدراته الكامنة القادرة علي الإبداع الفكري‏,‏ وتوفير ضمانات النجاح لمعركة لا يقبل فيها احتمال الفشل‏,‏ وقد روعي في ذلك التحرر من النمطية‏,‏ وعدم الاعتماد علي النظريات القديمة‏,‏ والأساليب الكلاسيكية‏,‏ والتنمية الشاملة للبحث العلمي‏,‏ والاستفادة من الخبرات العسكرية الذاتية‏,‏ والدروس المستفادة من الحروب‏,‏ وتحليل مركز الثقل لدي العدو ونقاط القوة لديه‏,‏ وتم تحديد جميع المشكلات‏,‏ وهي إعداد الدولة للحرب‏,‏ ودراسة القوة وضعف العدو‏,‏ ورفع كفاءة الأسلحة والمعدات للقوات المسلحة لتطوير أسلوبها لتحقيق التفوق علي الأسلحة الإسرائيلية‏,‏ وحل المشكلات الفنية التي من المنتظر أن تقابلها قواتنا في أثناء العبور‏,‏ ودراسة أفضل توقيت لبدء المعركة‏,‏ وكيفية تحقيق المفاجأة الاستراتيجية‏,‏ أما أخطر التحديات التي واجهت القيادة فهو إعداد المقاتل المصري للمعركة وكيفية إعادة الثقة بالنفس وفي السلاح وفي قيادته‏,‏ وكيفية إزالة ما بقي من آثار سلبية لهزيمة‏67.‏

ونظرا لأن القيادات العسكرية التي تولت الإعداد للحرب كانت علي درجة عالية من الكفاءة من الفكر الإبداعي‏,‏ فقد قاموا بحل المشكلات التي تعترض التخطيط الاستراتيجي لاستخدام القوات في إطار عملية هجومية استراتيجية تتوافر في أركانها كل المبادئ الأساسية للحرب في إطار عام للخداع‏,‏ ومستخدمين كل آليات وطرق التفكير الإبداعي‏.‏

إعداد الدولة للحرب
ومن أولي المشكلات إعداد الدولة للحرب‏,‏ وللأسف لم يكن يؤخذ في الاعتبار قبل عام‏67‏ مفهوم إعداد الدولة‏,‏ وكان من الأسباب الرئيسية للهزيمة‏,‏ ولأن النصر علي العدو لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قوة الدولة التي تتوقف علي كفاءة ومقدرة واستعداد القوات المسلحة يساندها القطاع المدني بإمكاناته‏,‏ وموارده الاقتصادية والمادية والبشرية‏.‏

وقد سار إعداد الدولة للحرب في عدة اتجاهات رئيسية في آن واحد‏,‏ فبينما كان إعداد القوات المسلحة وتطويرها‏,‏ كان الاقتصاد المصري تتم تهيئته للحرب في مجالاته المختلفة‏,‏ كما تم التركيز علي إعداد الشعب للحرب في مختلف المجالات ثم إعداد أراضي الدولة كمسرح للعمليات من إنشاء المطارات ووسائل النقل وحماية الأهداف الحيوية وإنشاء المعسكرات‏,‏ وهناك مجال آخر يخدم الأهداف السابقة هو السياسة الخارجية بما يتلاءم مع أهداف الحرب‏.‏

تجميع وتحليل المعلومات
منذ نشوب حرب‏48‏ وحتي‏67‏ سادت مسلمات ثقافية لدي الشارع المصري وهي الاستخفاف بالعدو ولعب الإعلام المصري دورا كبيرا في ذلك وجاءت‏67‏ وأثبتت عكس ذلك‏,‏ ولعل أبرز الدروس ذات التأثير الاستراتيجي الكبير سواء في إعداد القوات للحرب أو التخطيط لها وهو ما أفرزته‏67‏ وأكدته حرب الاستنزاف من أهمية أساسية للمعلومات والدراسات التفصيلية للكشف عن استراتيجية العدو وتكتيكاته وأساليب تخطيطه ومكونات النظريات الأساسية للأمن الإسرائيلي‏.‏

وكان هدف إسقاط هذه النظرية هو حجر الزاوية الذي بنيت عليه المهام الاستراتيجية لحرب أكتوبر‏,‏ ولذا قامت مصر بدراسة عدوها دراسة وافية لم تشمل قدراته العسكرية وحدها أو عقيدته واستراتيجيته فقط‏,‏ بل امتدت إلي كل أنشطة الدولة‏,‏ وكل جوانب حياة المجتمع الإسرائيلي‏.‏

تطوير السلاح وأسلوب استخدامه
من أكبر المشكلات التي واجهت المخطط العسكري رفع كفاءة الأسلحة والمعدات وتطوير أسلوب استخدامها‏,‏ وتم تحديد أبعاد هذه المشكلة في أن إسرائيل تتمتع بالتفوق الجوي والسيادة الجوية‏,‏ كما أن إسرائيل تمتلك دبابات حديثة مقارنة بالمصرية‏,‏ وامتلاكها أحدث أعيرة المدفعية‏,‏ ومحصنة مواقع تحد من القصف‏,‏ وكذلك تعرض الوحدات البحرية المصرية لخطر الهجمات الجوية‏,‏ وذلك لوقوعها في مدي عمل الطائرات الإسرائيلية‏.‏

ولكن ابتكرت العقول المصرية الحلول أمام هذه المشكلات‏,‏ فبالنسبة للقوات الجوية الإسرائيلية‏,‏ فقد تم حصر عدد الطائرات الإسرائيلية وقدراتها القتالية الحديثة‏,‏ ومواقع تمركزها خاصة في سيناء‏,‏ وكذلك تزويدها بقطع الغيار والخبرة الأمريكية‏,‏ ومن هذه الدراسات بدأ القادة في وضع التفكير السليم فكان من الواجب علي قواتنا الجوية الحصول علي تفوق وقتي علي الطيران الإسرائيلي‏,‏ كما وضع في الاعتبار محاولة العدو شن هجمات مثل التي قام بها في‏67‏ ووضعت خطط لصد أي هجوم‏,‏ كما تم استغلال القاذفات بشكل منظم ومرتب‏,‏ كما استخدم المقاتلات القاذفة لدعم عمليات التقدم البري‏,‏ كما استخدمت المدفعية والصواريخ أرضـ أرض لتوجيه الضربات في العمق‏.‏

وفي مواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي كان لابد من حدوث تطور يتناسب معه في قوات الدفاع الجوي‏,‏ وقد تم إنشاء قوات الدفاع الجوي عام‏68,‏ وتحملت العبء الأكبر في مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية‏.‏

وقد أسهم في تخفيف العبء الفكر المصري بحيث تتم العملية في وقت واحد مع الجبهة السورية‏,‏ وأن مركز الإعاقة الإلكتروني الرئيسي في أم خشيب كان أول الأهداف لقواتنا الجوية‏,‏ وأسهم ذلك في تخفيف الحرب الإلكترونية لقوات الدفاع الجوي في الأيام الأولي للقتال‏,‏ وهكذا تم قطع الذراع الطويلة الإسرائيلية وشل حركتها بالإبداع الفكري‏.‏

تدمير القبضة الحديدية
وللتغلب علي أحد جناحي قوة الردع الإسرائيلية القبضة الحديدية وهي القوات المدرعة‏,‏ تم استكمال أوجه النقص في بعض الأسلحة الدفاعية ودعم القدرات الصاروخية للقوات البرية وتم تشكيل ـ لأول مرة ـ وحدات من المدفعية الصاروخية المضادة للدبابات‏,‏ ولعبت دورا جوهريا في صد وتدمير الهجمات المدرعة الإسرائيلية في سيناء‏.‏

وذكر تقرير اللجنة العسكرية في الكونجرس الأمريكي أن مصر ألغت تفوق الطيران والمدرعات الإسرائيلية باستخدام الصواريخ أرضـ جو‏,‏ والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات‏,‏ وأنه لم تستخدم في الحرب أسلحة حديثة إنما تم استخدام الأسلحة القديمة ولكن بطريقة جديدة وصفتها بأنها مذهلة‏.‏

المدفعية الإسرائيلية
ولمواجهة التفوق النوعي للمدفعية الإسرائيلية التي تتميز بطول المدي والتحصين في مواقع حصينة‏,‏ فقد تم إبرار قوات صاعقة ومظلات في العمق لتشتيت العدو وإعاقة تقدم احتياطياته‏,‏ والتعامل مع مواقع المدفعية‏,‏ بالإضافة إلي قوة نيران المدفعية المصرية التي سيطرت علي المعركة‏,‏ وحققت السيادة النيرانية في معظم الأوقات بالرمي المباشر وغير المباشر‏,‏ وجاءت السيادة من خلال إدخال أنواع جديدة من المدفعية‏,‏ والصواريخ أرضـ أرض التعبوية الاستراتيجية‏.‏

القوات البحرية
وتم التغلب بالفكر الإبداعي علي مشكلة تعرض القوات البحرية لهجمات جوية‏,‏ فقد تم رسال لنشات مدفعية بدلا من المدمرات في الأعمال القتالية للأهداف الساحلية‏(‏ وهو أمر غير مألوف‏),‏ وذلك لأن المدمرات المصرية لم يكن تسليحها يسمح بصد الهجوم الجوي للعدو أو قذائف سطحـ سطح‏,‏ كما تم التغلب علي نقص المعاونة الجوية للقطع البحرية بإضافة المدافع المضادة للطائرات لتسليح الوحدات البحرية‏,‏ واستغلال الليل لتنفيذ العمليات‏,‏ كما تم تنفيذ عملية غلق باب المندب حتي يتم التأثير اقتصاديا علي إسرائيل‏,‏ وجاء ذلك نتيجة التفكير الإبداعي الذي فاجأ إسرائيل بهذا الحصار‏,‏ كما قامت القوات البحرية بتفكيك بعض الوحدات البرية والمعدات الموجودة بقاعدة الإسكندرية ونقلها بطريق البر إلي البحر الأحمر لزيادة الدعم للوحدات هناك‏.‏

حل مشكلات العبور
ولمواجهة مشكلة المانع المائي والساتر الترابي علي الضفة الشرقية ابتكرت العقول المصرية حلولا تبادلية‏,‏ وكانت سهلة وإبداعية أظهرت قدرة الفكر المصري‏.‏ فقد كان اقتحام قناة السويس إحدي المهام الخطيرة والصعبة التي واجهت القيادة العامة للقوات المسلحة‏,‏ ولذا فقد أخذ نصيبا وافيا من الدراسة والتفكير والأبحاث‏,‏ لأنه مانع فريد مختلف عن باقي الموانع المائية الأخري‏,‏ وقد تم تنفيذ التخطيط جيدا بعد دراسة وافية للقناة‏.‏

توقيت بدء الحرب
لقد كان تحديد يوم الهجوم عملا علميا علي مستوي رفيع‏,‏ ويعد نموذجا للدقة المتناهية والبحث الأمين‏,‏ فقد تمت دراسة طول الليل للأيام وحالة القمر وكذلك أيام العطلات الرسمية في إسرائيل بخلاف السبت‏,‏ وكان في أكتوبر‏3‏ أعياد أهمها عيدالغفران‏,‏ كما تمت دراسة المجتمع الإسرائيلي من الداخل‏,‏ فقد كانت تجري انتخابات الكنيست في‏28‏ أكتوبر‏,‏ وبذا كان من المفيد إقامة الحرب في شهر أكتوبر‏,‏ وكانت قد وضعت أشهر مايو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر لإدارة المعركة‏,‏ ولكن في النهاية تم الاتفاق علي شهر أكتوبر يوم عيد الغفران‏,‏ بجانب أن أكتوبر يتزامن مع شهر رمضان المعظم‏.‏

تحقيق المفاجأة والخداع
وفي مواجهة الإمكانات العالية لجهاز المخابرات الإسرائيلي وقدرته علي كشف الاستعداد للهجوم‏,‏ لم يكن هناك لإعداد خطة خداع ذات أبعاد سياسية واستراتيجية وتعبوية تكتيكية‏,‏ كما شاركت فيها جميع الوزارات المدنية المعنية‏,‏ وجاءت المفاجأة بالهجوم يوم السادس من أكتوبر‏.‏

إعداد المقاتل المصري
ولمواجهة أخطر التحديات وهي الثقة بالنفس والسلاح والقيادات لم تتم هذه الإجراءات بطريقة تقليدية بل إنها تمت بمفهوم مبدع وغير نمطي‏,‏ وذلك عن طريق غرس الثقة في نفوس الرجال وقد بذل القادة مجهودا كبيرا في ذلك‏,‏ وتوليد الثقة في القيادات مرة أخري التي اهتزت بعد‏67,‏ كما تم إعطاء المقاتل الثقة في سلاحه وقدرته علي التغلب علي سلاح العدو‏.‏

لقد كانت المحصلة الرائعة التي جمعت بين الفكر الإبداعي والعمل‏,‏ وتحولت إلي حقائق شهدتها أرض المعركة التي تفجرت في حرب أكتوبر المجيدة لتحقق في النهاية النصر العظيم الذي تحقق وأعاد الثقة والعزة لمصر والأمة العربية‏.‏


الاعداد الجيد في انتصار حرب اكتوبر 1973 , الاستعداد للحرب والإبداع الفكري
https://ghlasa.com/up/do.php?img=70696


ghlasa2



الساعة الآن 03:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc
adv ghlasa by : ghlasa