منتديات غلاسة

منتديات غلاسة (https://www.ghlasa.com/vb/index.php)
-   الاسلامى الشامل (https://www.ghlasa.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   القدر والايمان به (https://www.ghlasa.com/vb/showthread.php?t=6261)

شبكة غلاسة 06-07-2024 05:30 AM

القدر والايمان به
 
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه.
يقول شيخنا العلامةمحمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ونؤمن بالقدر خيره وشره وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.



وللقدر أربعة مراتب:
المرتبة الأولى: العلم فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيئ عليم علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.
المرتبة الثانية: الكتابة فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة: (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) الحج .
المرتبة الثالثة: المشيئة فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات والأرض لا يكون شيئ إلا بمشيئته ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
المرتبة الرابعة: الخلق فنؤمن بأن الله تعالى : ( الله خالق كل شيئ وهو على كل شيئ وكيل ) الزمر .


وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها : ( لمن شاء منكم أن يستقيم . وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) التكوير،( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) البقرة، ( والله خلكم وما تعلمون ) الصافات.
ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة بهما يكون الفعل.


والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:
الأول : قوله تعالى :( فأتوا حرتكم أنى شئتم..) البقرة وقوله: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة..) التوبة فأثبت للعبد إتيانا بمشيئته وإعدادا بإرادته.
الثاني : توجيه الأمر والنهي إلى العبد ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.. ) البقرة.
الثالث : مدح المحسن على إحسانه وذم المسيئ على إساءته وإثابة كل منهما بما يستحق.
ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثا وعقوبة المسيئ ظلما والله تعالى منزه عن العبث والظلم.

الرابع : أن الله تعالى أرسل الرسل : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل..) النساء ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره ما بطلت حجته بإرسال الرسل.
الخامس : أن كل فاعل يحس أنه يفعل الشيئ أو يتركه بدون أي شعور بإكراه فهو يقوم ويقعد ويدخل ويخرج ويسافر ويقيم بمحض إرادته ولا يشعر بأن أحدا يكرهه على ذلك بل يفرق تفريقا واقعيا بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره وكذلك فرق الشرع بينهما تفريقا حكيما فلم يؤاخد الفاعل بما فعله مكرها عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى.


ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى لإلا بعد وقوع مقدوره : ( ..وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ..) لقمان فكيف يصح الإحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه . وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله : ( سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ) الأنعام.
ونقول للعاصي المحتج بالقدر لماذا لم تقدم على الطاعة مقدرا أن الله تعالى قد كتبها لك ؛ فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك و لهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا أفلا نتكل وندع العمل ؟ قال : لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له .
ونقول للعاصي المحتج بالقدر لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول إنه مقدر علي ولو فعلت لعدك الناس في قسم المجانين.


ونقول له أيضا لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر فإنك سوف ستعمل فيها دون الناقصة فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتج بالقدر ؟
ونقول له أيضا نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي ؟
ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والشر ليس إليك ) رواه مسلم ، فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبدا لأنه صادر عن رحمة وحكمة .
وإنما يكون الشر في مقضياته لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علمه الحسن : وقني شر ما قضيت فأضاف الشر إلى ما قضاه. ومع هذا فإن الشر في المقضيات ليس شرا خالصا محضا بل هو شر في محله من وجه خير من وجه. أو شر في محله . خير في محل آخر.

فالفساد في الأرض من الجدب والمرض والفقر والخوف شر لكنه خير في محل آخر قال تعالى : (ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم .
وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة لسارق والزاني في قطع اليد وإزهاق النفس لكنه خير لهما من وجه آخر حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة . وهو أيضا خير في محل آخر حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب .



اولا : الإعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب لأن السبب و المسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.
ثانيا : راحة النفس وطمأنينة القلب لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى وأن المكروه كائن لا محالة ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب فلا أطيب عيشا و أريح نفسا و أقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.
ثالثا : طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدره من أسباب الخير والنجاح فيشكر الله تعالى غلى ذلك ويدع الإعجاب .
رابعا : طرد القلق و الضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر .


وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من فبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

غيداء السهيمى 06-09-2024 08:35 PM

رد: القدر والايمان به
 
ماشاء الله تميز واضح


الساعة الآن 01:53 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc
adv ghlasa by : ghlasa